أكد مسؤولون أن السلع والمنتجات التي تم فرض ضريبة السلع الانتقائية عليها، وهي منتجات التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، قد تأثرت مبيعاتها منذ البدء بتطبيق الضريبة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2017، والتي تراوحت بين 50% للمشروبات الغازية، و100% لمنتجات التبغ ومشروبات الطاقة، مشيرين إلى أنه إضافة إلى ضريبة السلع الانتقائية، فقد شملت أيضاً هذه السلع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% إضافية، وهو الأمر الذي زاد من تأثير الضريبة في هذه المنتجات.
كانت الخليج قد رصدت في عدة جولات توفر منتجات جديدة في الأسواق من قبيل منتجات التبغ، ومشروبات طاقة لم تكن متوفرة قبل تطبيق الضرائب، وهو ما يؤكد توجه المستهلكين إلى منتجات أقل سعراً وتحديداً لمنتجات التبغ ومشروبات الطاقة التي تخطت الضرائب المفروضة عليها 100%، بعد فرض ضريبتي «السلع الانتقائية» و«المضافة».
وأوضح المسؤولون في تصريحات «الخليج» أن الكثير من المستهلكين توجهوا نحو منتجات أقل سعراً وأقل جودة؛ لمحاولة تعويض الضريبة المرتفعة، وتحديداً على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، في حين أن عدداً من الشركات تبحث عن آليات؛ للحد من هذا التأثير، من قبيل إصدار منتجات بذات الجودة، ولكن بأحجام أقل، كالمشروبات الغازية التي تسعى شركة «دبي للمرطبات» إلى دراسة إصدار عبوات جديدة بأحجام أقل في الفترة القريبة القادمة، وذلك بسبب صعوبة توفير أنواع جديدة من المشروبات الغازية، بسبب هيمنة الأنواع المعروفة.
المنتجات الأدنى
وقالت لنا جمال الدين، مديرة إدارة الشؤون المؤسساتية في شركة «فيليب موريس» الشرق الأوسط: «أظهرت التقديرات الداخلية لشركة «فيليب موريس» الشرق الأوسط، بعد متابعة للأسواق بعد فرض الضريبة الانتقائية في أكتوبر 2017، توجهاً بارزاً نحو اقتناء المنتجات الأدنى في السوق، تمثل في تحول المستهلكين نحو شراء السجائر منخفضة السعر، لقد أخذنا هذا الاتجاه في الحسبان، ونحن ملتزمون بالوفاء بطلبات المدخنين البالغين، وباعتبار منتجاتنا تباع في أكثر من 180 دولة ضمن جميع فئات الأسعار، لم نستغرب تسبب ارتفاع السعر بنسبة 100% نتيجة الضريبة الانتقائية التي تم تطبيقها في الإمارات في زيادة حصة السوق من المنتجات منخفضة السعر، باعتبار أن العديد من المدخنين البالغين يبحثون عن خيارات منخفضة السعر بسبب تأثير ارتفاع التكلفة وزيادة الضريبة الانتقائية».
عوائد الضريبة
وأضافت في تصريحات ل«الخليج»: «من وجهة نظر مالية، سيؤثر هذا التوجه نحو المنتجات الأقل سعراً في نهاية المطاف في عوائد الضريبة المحتملة للحكومة، حيث يتم الآن فرض الضريبة الانتقائية من خلال مضاعفة أسعار التجزئة، أما عند تطبيق نظام الهيكل الضريبي المحدد، من خلال تطبيق قيمة مالية ثابتة على نفس عدد السجائر، وهو الأمر الذي أثبت فاعليته في مختلف دول العالم، فسيسهم هذا في أن تحقق الضريبة أهداف الحكومة الصحية والمالية». وأشارت إلى أنه مع تطبيق الهيكل والمستوى الحالي للضريبة الانتقائية، نعتقد أن التوجه نحو المنتجات الأدنى سيتواصل، على سبيل المثال، تتراوح أسعار البيع بالتجزئة لعلبة السجائر بين 4 دراهم إلى أكثر من 20 درهماً للعلبة التي تحتوي على 20 سيجارة، ونحن عازمون على الاستمرار في مراقبة توجهات السوق؛ للتأكد من الوفاء باحتياجات وتطلعات العملاء
التجارة غير المشروعة
وأضافت: «هنالك مسألة خطيرة أخرى تؤرقنا في «فيليب موريس»، وهي زيادة أنشطة التجارة غير المشروعة؛ حيث نتخذ خطوات ثابتة للتصدي لانتشارها، بالتعاون مع الهيئات الحكومية، ومؤسسات تطبيق القانون، لدينا قناعة راسخة بأنه سيكون للتهديد الناتج عن التجارة غير المشروعة آثار ضارة، ليس فقط على صناعة التبغ القانونية، وإنما أيضاً على أهداف الصحة والعائدات التي تخص الحكومة أيضاً، وفي هذا السياق، نحن على قناعة تامة بأن عوائد الحكومة والأعمال القانونية بحاجة للحماية، بما يعود بالنفع والأمن على المجتمع عموماً».
تراجع الطلب
وأكد عدد من البائعين في منافذ البيع ومحال السوبرماركت تراجع الطلب على أصناف محددة من السجائر، بعد تطبيق الضريبة الانتقائية، والتي بموجبها تم رفع سعر التبغ 100%، حيث ازدهر بالمقابل الطلب على أنواع جديدة، متوسطة السعر، وتناسب دخل أغلبية المدخنين.
وفي جولة ل «الخليج» على بعض منافذ البيع والبقالات، لوحظ خلو الأرفف من أصناف محددة، ارتفع سعرها قابلها وجود أصناف جديدة لم تكن معروفة بالسابق، منها محلي الإنتاج وأخرى مستورد، كما لجأ بعض بائعي البقالات إلى تخبئة السجائر في صناديق الخضار، كونهم غير مرخصين لبيعها، فيما اشتكى آخرون من غياب الزبون التقليدي للسجائر، الذي بات يطلبها بالعبوة الواحدة بدل الصندوق كما كان الحال سابقاً.
وقال البائع عمر خان، إن الفترة الماضية شهدت قلة طلب على أصناف معروفة من السجائر، خاصة وأن سعرها ارتفع إلى الضعف، الأمر الذي دفع أغلبية المدخنين إلى تجربة أصناف جديدة، شقت طريقها إلى أرفف البيع، وذاع صيتها كون سعرها يلائم المستهلكين متوسطي الدخل. وأضاف أن محال البيع لم تدخر جهداً في توفير البدائل من السجائر، كي لا تفقد متسوقيها، في ظل عزوف أغلبيتهم عن تدخين الأصناف التي اعتادوا عليها لسنوات، حيث لجأ بعضهم إلى تجربة بعض الأصناف محدودة السعر، ومن ثم شرائها بشكل دائم، الأمر الذي نتج عنها زيادة الطلب من الموردين، الذين لم يلبوا ذلك، وبالتالي دفعنا الأمر إلى تقليص مساحة الأرفف الخاصة بعرض السجائر لمحدودية الكميات المتوفرة.
المشروبات الغازية
وأكد طارق السقا، مدير عام دبي للمرطبات، أن المشروبات الغازية المعروفة لا زالت تهيمن على السوق، برغم فرض ضريبة السلع الانتقائية، وضريبة القيمة المضافة، التي أدت إلى زيادة في السعر على بعض هذه المنتجات بنسبة تصل إلى 60% في بعض الأحيان، ما سبب تأثيراً في المبيعات، مشيراً إلى أنه ورغم ذلك فإن هذه المنتجات لا تزال تتواجد بشكل أساسي في السوق، ومن الصعب توفير أنواع بديلة عنها في فترة قصيرة؛ بسبب الشعبية التي تحظى بها.
إطلاق أحجام جديدة
وأشار السقا، في تصريحات للخليج، إلى أن الفترة الزمنية القصيرة منذ البدء بتطبيق الضريبة الانتقائية لم تسمح بعد بظهور منتجات جديدة بأسعار أقل؛ لتعوض ارتفاع الأسعار في المنتجات الأساسية المتوفرة اليوم، متوقعاً أن تظهر منتجات بأحجام جديدة في الفترات القادمة، ما سيرفع من التنافسية في القطاع، موضحاً أن دبي للمرطبات تعمل حالياً على دراسة إطلاق عبوات بأحجام جديدة، وليس منتجات جديدة كلياً، وذلك لتعويض فارق السعر بسبب الضرائب، مشيراً إلى أن القطاع تأثر بشكل واضح بعد تطبيق الضريبة، وحجم المبيعات شهد تراجعاً بشكل ملحوظ.
مخزون قديم
قال محمد جاويد، بائع في إحدى البقالات، إن حركة الطلب على السجائر العالمية في انحدار شديد، خاصة وأن معظم زبائنه من المدخنين يطلبون أصنافاً أقل سعراً لتدخينها.
وأشار إلى أن صناديق السجائر المعروفة لم يبع منها سوى القليل، لشح الطلب عليها، الأمر الذي جعلها تتكدس لديه. ولفت إلى أنه لجأ إلى حيلة بيع السجائر بسعر أقل من السوق، بهدف التخلص من المخزون القديم لديه، إلا أن ذلك لم يستقطب زبائن كثراً، خاصة أن بعضهم يحاول استغلال هذه الزيادات السعرية في أسعار السجائر للإقلاع عن التدخين، نظراً لأن الزيادة مؤثرة في مدخولاتهم المالية.
زبون تقليدي
أكد كومار غلام، مسؤول مبيعات في إحدى البقالات، وجود انخفاض حاد يصل إلى 70% في مبيعات العديد من أصناف السجائر، مشيراً إلى أنه بعد مرور 100 يوم على تطبيق الضريبة الانتقائية، فإنه يبيع حالياً صندوق سجائر واحد أسبوعياً، على خلاف الفترة ما قبل الانتقائية، والتي كان يبيع 3 صناديق يومياً. وقال إن اختفاء الزبون التقليدي الذي كان يأتي يومياً للحصول على السجائر المعتادة، بات يؤرق البقالات بشكل عام، حيث بدأت تفقد زبائنها الدائمين مقابل طلبهم لأصناف جديدة أقل سعراً، بل أن أغلبيتهم يشتري عبوة واحدة وليس صندوقاً كما كان الحال سابقاً.
مجاراة المورد
أوضح محيي الدين شمس، بائع في أحد المنافذ الكبرى، أن ارتفاع الطلب على الأصناف الجديدة، جعل من الصعب مجاراة الكميات التي يوفرها الموردون لكل منفذ، وبالتالي فإنه في بعض الأيام تشهد أرفف البيع خلواً لهذه الأصناف، خاصة وأن أغلبية المستهلكين اتجهوا لتدخينها، فضلاً عن أن بعضهم يشتري أكثر من صندوق في المرة الواحدة، تخوفاً من انقطاعه عن السوق.
إرسال تعليق