دبي: «الخليج»

حققت إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي السيادية العالمية مستوى تاريخياً بلغ 50 مليار دولار في العام 2017، ما ساهم في زيادة القيمة الإجمالية للإصدارات الخليجية، الحكومية منها والخاصة، لتتجاوز 100 مليار دولار وذلك للعام الثاني على التوالي. وبالرغم من ذلك، إلا أن الثقة قد استعادت قوتها في المنطقة على إثر تخفيف سياسة التشدد المالي وارتفاع أسعار السلع، الأمر الذي ساهم في تراجع العوائد أو تغييرها بصورة طفيفة. بالمقابل، أدى النمو العالمي المتناغم إلى تضييق الأوضاع الائتمانية والنقدية.
ذكر «بنك الكويت الوطني» في تقرير أن عوائد أدوات الدين الأساسية تأرجحت في نطاق محدود حتى أنهت العام عند مستويات متفاوتة نتيجة وجود توتر في المشهد السياسي وقوة في البيانات الاقتصادية. وقد واجهت العوائد العالمية استقراراً نسبياً نتيجة عدم اليقين الذي ساد السياسة المالية الأمريكية إضافة إلى التطورات في البيت الأبيض وانتخابات منطقة اليورو والتطورات في كوريا الشمالية، إلا أن سياسة البنوك المركزية التشددية وانتعاش أسواق الأسهم العالمية ساهما في فرض ضغوط نحو الارتفاع. فقد تراوحت معظم العوائد الأساسية بين 42 إلى 59 نقطة أساس بالرغم من رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي الفائدة الأساسية ثلاث مرات في 2017 وقيام البنك الأوروبي المركزي بخفض حجم برنامج التيسير الكمي.
وأنهت أذونات الخزينة الأمريكية لفترة العشر سنوات العام 2017 متراجعة بواقع نقطتي أساس عن مستواها البالغ 2.41٪، إلا أن العوائد جاءت متقلبة طوال العام. فقد ارتفعت الأسعار أوائل العام إلى ما يقارب 2.61٪ على إثر اعتزام الرئيس «ترامب» خفض الضرائب وتشدد سياسة مجلس الاحتياط الفيدرالي. ولكنها تراجعت بعد ذلك نتيجة ضعف متابعة الإصلاحات المخططة وتدني التضخم إضافة إلى النزاعات السياسية. وظلت ثقة المستثمر ضعيفة خلال معظم العام، مع بلوغ عوائد السندات لفترة عشر سنوات مستوى متدنياً بلغ 2.06٪ في أواخر الربع الثالث من العام 2017 لترتفع لاحقاً بدعم من قوة البيانات والإصلاحات الضريبية وانتعاش الأسواق ورفع الفائدة على الأموال الفيدرالية للمرة الثالثة.
وعلى الرغم من عدم اليقين الذي ساد المشهد السياسي في النصف الأول من العام 2017، إلا أن عوائد السندات الحكومية الألمانية أنهت العام مسجلة ارتفاعاً على إثر قوة الآفاق الاقتصادية وتشدد السياسات النقدية. وبالفعل، فقد هدأ قلق المستثمرين من اليمين المتطرف في مطلع العام 2017 بعد انتخاب عدد من المرشحين المناصرين للاتحاد الأوروبي وذلك بدعم من قوة الأوضاع الاقتصادية. وساهمت قوة البيانات الاقتصادية خلال العام في دفع صناع السياسات النقدية إلى تغيير سياسة التيسير النقدي، حيث قام البنك المركزي الأوروبي في الربع الثالث من 2017 بتمديد برنامجه الحالي تسعة شهور وخفض المشتريات الشهرية بنحو النصف.
وجاءت العوائد الأساسية على السندات الخليجية المستحقة في ثماني إلى تسع سنوات متفاوتة، حيث شهد بعضها تغييراً طفيفاً بينما تراجعت المخاطر لبعضها الآخر بصورة كبيرة. فقد تأثرت تحركات العوائد في البداية بضعف أسعار السلع والتوتر الذي شهدته المنطقة. إلا أن النجاح النسبي الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي في تطبيق إصلاحاتها المالية وتمديد فترة خفض الإنتاج من قبل أوبك وشركائها، إضافة إلى ضآلة الأثر الذي خلفه الخلاف الخليجي، إذ ساهمت جميع تلك الأمور في التحكم بارتفاع العوائد. كما ساهم تعافي أسعار النفط في أواخر العام في دعم استقرار العوائد. فقد تراجعت العوائد على السندات السعودية المستحقة في 2026 والسندات الكويتية المستحقة في 2027 والسندات العمانية المستحقة في 2027 ما يقارب 19 إلى 40 نقطة أساس خلال العام، بينما تراجعت عوائد السندات القطرية المستحقة في 2026 والسندات البحرينية المستحقة في 2026 من 6 إلى 9 نقاط أساس فقط.
ومع التعافي الملحوظ في الاقتصاد العالمي، شهدت الأوضاع المالية تضييقاً بالرغم من اعتدال التضخم. فقد التزم مجلس الاحتياط الفيدرالي بخطة رفع الفائدة ثلاث مرات التي وضعها في بداية العام بتشجيع من قوة البيانات بصرف النظر عن تدني التضخم. كما أعلن البنك المركزي الأوروبي تخفيف برنامجه للتيسير الكمي بالرغم من تدني التضخم إلى ما دون 2٪. إضافة إلى ذلك، اضطر بنك كندا إلى رفع الفائدة الأساسية مرتين في 2017 نتيجة تسارع الاقتصاد الكندي. وفي بريطانيا، بالرغم من عبء ال«بريكست» على الاقتصاد، إلا أن ارتفاع التضخم دفع بنك إنجلترا إلى رفع الفائدة الأساسية للمرة الأولى منذ أغسطس من العام 2016.
وتبع معظم البنوك المركزية الخليجية مجلس الاحتياط الفيدرالي من خلال رفعها أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس ثلاث مرات باستثناء الكويت وعمان. وجاءت هذه التحركات تماشياً مع الحاجة للحفاظ على ارتباط العملات بالدولار. وارتفع سعر الليبور العماني المرتبط بسعر إعادة الشراء خلال العام، وامتنعت الكويت من رفع الفائدة مرتين ولكنها قامت برفع الفائدة على إعادة الشراء حفاظاً على العملة دون التأثير سلباً في نمو الائتمان.

الديون العالمية

غطت أدوات الدين الخليجية العالمية ما يقارب 50٪ من حاجة الحكومات التمويلية التي اجتذبت المستثمرين العالميين، وذلك بدعم من قوة الأوضاع التمويلية العالمية. وجاء الإصدار السعودي في الصدارة من خلال سندات بقيمة 12.5 مليار دولار وصكوك بقيمة 9 مليارات دولار، جاءت بعدها سندات أبوظبي بقيمة 10 مليارات دولار وتبعتها سندات الكويت بقيمة 8 مليارات دولار والتي تعتبر أولى إصداراتها العالمية. في الوقت نفسه، أصدرت كل من عمان والبحرين سندات بقيمة 7 مليارات و3 مليارات دولار على التوالي. وكان الإقبال على جميع هذه الإصدارات جيداً، حيث حقق كل منها تجاوزاً في الاكتتاب المعروض بنحو ثلاث إلى خمس مرات على الرغم من خفض التصنيف الائتماني، الأمر الذي يعكس قوة الإقبال على السندات الخليجية.


أدخل بريدك الالكتروني للحصول على أخر المستجدات

إرسال تعليق

 
Top