تتأثر اقتصادات دول المنطقة بخطط ومشاريع التنمية التي تم تنفيذها وتلك التي في طور التنفيذ على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الخارجي، فهناك العديد من التحديات التي تتطلب الاستعداد المسبق لها والجاهزية لتفادي أية هزات تؤثر في القطاعات الاقتصادية أو التخفيف من حدتها على أبعد تقدير. وقد بات واضحاً اليوم قدرة العديد من اقتصادات المنطقة على التعامل مع الكثير من الضغوط والتحديات الداخلية والخارجية بكفاءة من خلال التنبؤ والتخطيط المسبق لما سيحدث.
يأتي في مقدمة هذه التحديات التذبذبات التي تسجلها أسعار صرف الدولار بشكل دائم والتعديلات التي يتم تنفيذها على أسعار الفائدة، والتي تخص الاقتصاد الأمريكي في الدرجة الأولى تحفيزاً وقدرة على مقاومة الضغوط، فيما تبقى القدرة على مواجهة تلك التغيرات متباينة بين اقتصاد وآخر على مستوى المنطقة والعالم.

تعظيم الأداء

وأشار تقرير «المزايا» الأسبوعي إلى أن الحديث في هذا الصدد ليس الحديث عن الحفاظ على حالة ارتباط العملات المحلية أم تحررها بشكل كامل أو جزئي من الدولار، ولكن الحديث على البحث في الخيارات المتوفرة لتعظيم الأداء الإيجابي لاقتصادات دول المنطقة وتعظيم نتائج خطط التنمية التي تعول عليها. فاقتصادات المنطقة تستهدف نسب نمو تتجاوز 2.5% في نهاية 2018، وهذه النسبة تتطلب تحسناً جزئياً على أسعار النفط إلى جانب تحسن أداء القطاعات غير النفطية، وجميع ما تقدم مرتبط ارتباطاً كلياً بأداء العملات الأجنبية بشكل عام والدولار بشكل خاص.
وباتت اقتصادات دول المنطقة تسجل انتعاشاً ملحوظاً خلال الفترات المالية السابقة وبخاصة مع خطط التحفيز التي أقرت مؤخراً، إلا أن مخاطر عدم تحقيق هذه النسب من النمو ستتأثر بالعجوزات المالية القائمة والتي تقدر ب 6.3% في نهاية 2017، ويتوقع لها أن تنخفض إلى متوسط 5% مع نهاية العام الجاري، فيما يتوقع أن تستمر عملية السحب من الاحتياطيات المركزية والاقتراض، الأمر الذي يرجح تسجيل ارتفاع على نسبة الدين العام من الناتج المحلي بمتوسط 27% في نهاية العام الحالي.
ويرى تقرير «المزايا» أن التجارب السابقة، والتي سجل فيها الدولار قوة أمام العملات الأخرى، لم تثبت إيجابيتها لاقتصادات المنطقة والتي تربط عملاتها بالدولار بشكل تام، حيث يطرح هذا التساؤل لدى اقتصادات المنطقة التي تسعى وبشكل دائم إلى رفع قيم الصادرات وإلى تحفيز الاستثمارات الأجنبية وتحفيز القطاع السياحي للعمل وفق أعلى مستويات الطاقة التشغيلية، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار العملات المحلية المرتبطة بالدولار سيؤدي إلى انخفاض قدرة الصادرات إلى أسواق الدول التي لا ترتبط عملاتها بالدولار. الأمر الذي يجعل الصادرات أعلى سعراً كما أن القطاعات الإنتاجية والسياحية ستفقد جزءاً كبيراً من حصتها من الأسواق الرئيسية حول العالم، وهذا يعني أن أسواق المنطقة أعلى كلفة من غيرها من الأسواق الإقليمية والعالمية وبشكل خاص لدى القطاع السياحي.

قوة العملات المحلية

في المقابل، فإن قوة العملات المحلية ستعني انخفاض كلف الاستيراد والتأثير إيجاباً في كافة المنتجات التي يتم استيرادها من الاتحاد الأوروبي واليابان على سبيل المثال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك تأثيرات وتحديات إضافية تفرضها قوة العملات المحلية المرتبطة بالدولار على القطاع الصناعي وعلى صادراته إلى الأسواق الخارجية. وأشار تقرير «المزايا» إلى صعوبة القدرة على تحديد التأثير الإجمالي لتحركات أسعار الدولار على اقتصادات المنطقة، وإلى أهمية رصد وتتبع التغيرات الاقتصادية في مختلف القطاعات وبشكل خاص خلال التخطيط واعتماد خطط التحول والتنمية متوسطة وطويلة الأجل لتفادي أية تأثيرات سلبية أو إخفاقات تنتج عن تلك التغيرات، والتي كما هو معلوم تصدر عن اقتصادات أخرى تهتم بالدرجة الأولى بقوة ونمو اقتصادها على المدى الطويل بالدرجة الأولى.

مشاريع عقارية

وستكون المشاريع العقارية من أكبر الرابحين في حال انخفاض أسعار السلع المستوردة، حيث ستنخفض تكاليف المشاريع الضخمة والمدن الاقتصادية التي تعتمد في بنائها وتشغيلها على الواردات، الأمر الذي يدعم الانتهاء من البناء وفق المواعيد المحددة، بالإضافة إلى تأثيراته الإيجابية في نتائج أداء تلك الشركات المرتبطة بهذه المشاريع ومراكزها المالية. وفي هذا الإطار يبدو قطاع اللوجستيات أيضاً متأثراً بحركة وانسيابية السلع والخدمات، وبالتالي فإن اعتماد معدلات تسعير أكثر استقراراً ستنعكس إيجاباً على كافة المواد المستخدمة في الصناعة والأنشطة الإنتاجية وستدعم أيضاً حركة تنويع الاقتصادات وعوائد قطاع السياحة والتسوق، بالإضافة إلى إسهامها في توسيع أنشطة الصناعة التحويلية، يأتي ذلك في الوقت الذي تعول فيه اقتصادات المنطقة على قطاعات التسوق واستقطاب المزيد من السياح والمستثمرين من الخارج.

أسعار الفائدة

من جهة أخرى، شدد تقرير «المزايا» على التأثيرات القادمة من التعديلات الجاري تنفيذها على أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي، وبالتحديد على خطط النمو والتحول الاقتصادي الجاري تنفيذها لدى دول المنطقة، والحديث يدور هنا حول إجمالي نسب الرفع والتعديل وعلى تأثير رفع أسعار الفائدة لمرة واحدة، والثابت الوحيد أن القطاع العقاري والسياحي وقطاع الخدمات بشكل عام ستكون في قلب التأثيرات السلبية.


أدخل بريدك الالكتروني للحصول على أخر المستجدات

إرسال تعليق

 
Top