حقق قطاع صناديق الأسهم الخاصة العالمي أداءً جيداً خلال العام الماضي، حيث أظهرت قيمة شراء الأسهم وعمليات التخارج مكاسب جيدة. وأنهت الشركات أقوى فترة جمع أموال في تاريخ القطاع ومدتها خمس سنوات، حيث استمر الشركاء محدودو المسؤولية في التجاوب مع الأداء الممتاز لصناديق الأسهم الخاصة مقارنة بفئات الأصول الأخرى وذلك من خلال إغراق السوق بالمزيد من رأس المال.
أدى حماس المستثمرين هذا إلى ظهور أكبر صناديق شراء للأسهم الخاصة حتى الآن في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وكان بمثابة إقرار بآفاق هذا القطاع في السنوات المقبلة. لكن وفي الوقت نفسه، كثف من الضغوط على الشركاء العامين بغية دفعهم للحفاظ على أداء جيد في خضم تقلبات السوق. هذه هي النتائج الرئيسية التي خلص إليها التقرير السنوي التاسع لصناديق الأسهم الخاصة العالمية الصادر عن «بين آند كومباني» الشركة الاستشارية العالمية الرائدة لمستثمري الأسهم الخاصة.
حماس المستثمرين
قال هيو مكارثر، رئيس قسم الصناديق العالمية الخاصة في «بين آند كومباني»: «يستمر حماس المستثمرين تجاه صناديق الأسهم الخاصة، الأمر الذي أغرق هذا القطاع بالنقد، وهو ما يعتبر إيجابي وسلبي في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أن صناديق الأسهم الخاصة لديها وفرة للإنفاق، إلا أن هناك منافسة شديدة جداً على الصفقات الاستثمارية. وفي ظل الصفقات التي يجري تنفيذها بأعداد قياسية، فإن الحيطة والحذر هي أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى».
من جهته، قال جريجوري جارنييه، شريك في «بين آند كومباني» في الشرق الأوسط: «يتأثر نشاط صناديق الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط بالتباطؤ الاقتصادي الإقليمي. فقد تم تأجيل بعض عمليات تخارج الأصول إلى أوقات أفضل، فيما بقيت معدلات إبرام الصفقات ثابتة، فضلاً عن أن مزيج هذا القطاع تحول من قطاع التجزئة العام إلى قطاعات أكثر مرونة مثل التعليم والرعاية الصحية، إضافة إلى قطاعات متخصصة ذات محركات نمو محددة.
تدفق نقدي كبير
ولاحظت «بين آند كومباني» استمرار تدفق المبالغ النقدية الكبيرة إلى فئة الأصول طوال العام الماضي، حيث تماثل قيمة رأس مال صناديق الأسهم الخاصة التي تم جمعها على مستوى العالم خلال العام الماضي والبالغة 701 مليار دولار تقريباً، أعلى مستوى تم تسجيله في العام الذي سبقه. وجاءت صناديق شراء الأسهم في الطليعة، حيث استحوذت على 301 مليار دولار، بزيادة كبيرة قدرها 27% عن العام 2016، وهو ما يدل على زيادة الحماس لدى المستثمرين. واستفاد هذا المجموع من الرقم القياسي لصناديق شراء الأسهم الضخمة (التي تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار) والتي أغلقت خلال العام. وكمقياس على الحماس الكبير لدى المستثمرين خلال العام 2017، فإن أكبر 10 صناديق أقفلت خلال العام، جمعت أموالاً بأكثر من أهدافها الموضوعة، حيث كان بإمكانها بسهولة جمع المزيد من المبالغ المالية.
أرقام قياسية
في الوقت نفسه، فإن عدم قدرة قطاع صناديق الأسهم الخاصة على تشغيل الأموال بالسرعة التي تم جمعها فيها، ينجم عنه أرقام قياسية سنوية أكثر إشكالية وهو ما يعرف ب «المخزون النقدي». ومع نهاية العام 2017، كانت صناديق شراء الأسهم تسجل أعلى مستوى لها على الإطلاق من رأس المال غير المدفوع وبواقع 633 مليار دولار (286 مليار دولار منها كانت لصالح صناديق شراء الأسهم الضخمة)، مع ارتفاع إجماليها بنسبة 12% سنوياً خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وإن تخفيض الفائض الكبير في رأس المال غير المدفوع سيتطلب عمل المزيد من الصفقات الكبرى، حيث لا يوجد هناك نقص في الأصول المتاحة للشراء. وفي العام 2017، تم شراء وبيع أكثر من 38 ألف شركة حول العالم، بقيمة تقدر ب 3.3 تريليون دولار. والمشكلة هي أن حصة صناديق الأسهم الخاصة من هذه السوق القوية كانت 13% فقط من حيث القيمة، و8 % فقط بالنسبة لعدد الصفقات. ولعل أوضح صورة لصناديق الاستثمار الخاصة كي تضع كميات كبيرة من رأس المال قيد التشغيل هي في المطالبة بحصة أكبر من سوق الاستحواذ والدمج الضخم من خلال القيام بالمزيد من الصفقات القائمة على الدمج والاستحواذ.
خلل تنظيمي
وقال مكارثر: «إن هذا الخلل التنظيمي هو بلا شك أكبر تحدٍّ يواجه قطاع صناديق الاستثمار الخاصة، وهو نابع من التنافس الشديد على الصفقات، ما يضع ضغطاً متصاعداً باستمرار على أسعار الأصول. وهذا ما سيتطلب في الأعوام المقبلة، إلى جانب المنافسة الشديدة والتهديد الذي يلوح في الأفق للانكماش الاقتصادي، من صناديق الاستثمار الخاصة إنشاء محفظة قيمة من خلال أساليب قيادة وتنفيذ أفضل، أو قبول بالعوائد المتوسطة. كما يمكننا أيضاً أن نرى المزيد من صفقات الدمج والاستحواذ».
سوق الصناديق في أرقام
ارتفعت قيمة الصفقات بنسبة 19% لتصل إلى 440 مليار دولار في عام 2017، ما يعكس الحجم المتنامي لمتوسط الصفقات ووجود مجموعة من الصفقات الكبيرة بين القطاعين العام والخاص.
كان عدد صفقات شراء الأسهم على مستوى العالم محدوداً خلال عام 2017، حيث ارتفع بنسبة 2% فقط ليصل إلى 3.077 صفقة، متراجعاً بنسبة 19% عن عام 2014، ذروة نشاط الصفقات في الدورة الاقتصادية الحالية. ولأول مرة، شملت «بين آند كومباني» تعاملات إضافية في مقارناتها الاستثمارية، حيث باتت تمثل الآن نصف سوق صفقات شراء الأسهم من حيث العدد.
وصل الشركاء العامون إلى مستويات قياسية من «المخزون النقدي»، حيث تم تخصيص 516 مليار دولار لعمليات شراء الأسهم مع بداية عام 2017. وجعلت التقييمات المرتفعة وسط المنافسة الشرسة على الأصول، وخاصة من جانب المشترين من الشركات، من الصعوبة بمكان على شركات الأسهم الخاصة أن تعثر على صفقات وتفوز بها.
بلغت قيمة عمليات التخارج القائمة على شراء الأسهم 366 مليار دولار، وهو ثالث أفضل عام على الإطلاق، في حين ارتفع عدد عمليات التخارج 3%. ونجم عن كافة قنوات التخارج الرئيسية، المبيعات إلى المشترين الاستراتيجيين، والمعاملات على مستوى الرعاة، زيادات في العدد والقيمة.
وبقي متوسط فترة الاحتفاظ لشركات شراء الأسهم ثابتاً عند 5 سنوات. وبفضل أسواق الدين القوية، واصلت عمليات إعادة رسملة الأرباح دورها كاستراتيجية مفضلة لاستثمار بعض الأموال في مجالات أخرى عاجلاً وليس آجلاً.
إرسال تعليق