دبي: أحمد البشير
شاهدت سارة الأميري دبي وهي تتطور يوماً بعد يوم، حتى وصلت إلى ما عليه اليوم من نمو وانتعاش، لتبدو كأنها مدينة مستقبلية سابقة للزمن. والآن، أصبحت الأميري وزيرة في حكومة الإمارات تشرف على مهمة المريخ.
وفي الوقت الذي يغرق فيه العالم العربي في العنف والفقر والبطالة، يبزغ من دبي بصيص أمل يتعالى فوق هذه الضجة، حيث إن الإمارة منشغلة بالعمل على إرسال مسبار إلى الكوكب الأحمر في غضون 3 سنوات. وهذه المهمة هي جزء من أحدث حزمة من الطموحات اللافتة التي تشمل بناء المباني بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وإدارة المدن عبر تكنولوجيا البلوكشين، فضلاً عن إطلاق الدراجات الحوامة ومركبات الأجرة الطائرة المؤتمتة.
ويبدو أن دبي تسعى إلى إعادة ابتكار نفسها وتجاوز حقبة النفط ودخول العصر الذكي، إذ ترغب الحكومة في جعل التكنولوجيا والبحث والتطوير حجر الزاوية في اقتصادها المحلي.
وقال كريسبن هوز، العضو المنتدب في شركة «تينيو انتليجينس» في لندن: «طموح دبي حقيقي وجدير بالثناء، لكن هناك قيود خارجية عليها التعامل معها».
والهدف بالنسبة لدبي هو إنشاء مدينة صديقة للبيئة للجيل الإلكتروني في الإمارات، وكذلك المهندسين والبنائين الذين ينشئون الأبراج والفنادق الفاخرة ومراكز التسوق، إضافة إلى العلماء والمبرمجين.
وسيعرض معرض «إكسبو دبي 2020»، ما يمكن للإمارة فعله، وسيسلط الضوء على الإنجازات التكنولوجية التي تريد من خلالها منافسة تلك في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وآسيا. وخصصت دبي 25 مليار درهم (6.8 مليار دولار) للمعرض، ولكن هذا مجرد غيض من فيض.
وقالت الأميري التي عينت وزيرة للعلوم المتقدمة في أكتوبر/ تشرين الأول: «نحن لا نتردد في تحمل المخاطر، ونحن ندرك ماهية هذه المخاطر. سنمضي قدماً ولن نتوقف، طالما أن الأمر يتعلق بالتنمية والتطور».
وتحولت دبي من مجرد ميناء خليجي صغير إلى مدينة متطورة في أقل من 50 عاماً، وتحدت التضاريس الجيولوجية لبناء ناطحات السحاب والجزر الاصطناعية في البحر.
وقال حسين سجواني، رئيس مجلس إدارة «داماك»، التي تطور ملاعب الجولف التي تحمل علامة دونالد ترامب التي تقدم سيارة تسلا مع كل منزل تبيعه: «سنواصل النمو، ولكن سيكون نمواً بمستويات معقولة».
وأضافت إميلي هوثور، المحللة في في شركة «ستاتفور» التي تتخذ من تكساس مقراً لها، أن بعض مشاريع دبي مثل تطوير إدارة حكومية تعتمد على تكنولوجيا «البلوكشين» تهدف إلى خفض التكاليف في الميزانية العمومية في نهاية المطاف.
وفي منتصف تسعينات القرن الماضي، سعت دبي إلى إقامة اقتصاد متنوع، ووضعت لوائح جذابة للشركات، وعلى أثر ذلك ازدهر القطاع العقاري بشكل ملحوظ، وأصبحت مدينة الأرقام القياسية بأطول مبنى وأكبر مركز تجاري وأكبر ميناء من صنع الإنسان.
وفي الوقت الحالي، تعمل عشرات الرافعات في موقع استضافة معرض «إكسبو 2020» الذي تبلغ مساحته 438 هكتاراً (1080 فداناً) والواقع في جنوب دبي. وتعد دبي المدينة الأولى في الشرق الأوسط التي ستستضيف هذا الحدث التاريخي الذي يعود تاريخه إلى 167 عاماً.
وأوضح مرجان فاريدوني، المسؤول عن حركة التطوير في موقع «إكسبو 2020»: «يوفر المعرض فرصاً كبيرة تدعم الاقتصاد المحلي، لذا علينا أن نرقى لهذه الطموحات».
وفي مركز دبي المالي، هناك مجموعة من المباني الأسمنتية المستطيلة المترابطة التي تعتبر أول مبان تم إنشاؤها عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. في حين تم كشف النقاب عن دراجات حوامة للشركة ومركبات أجرة طائرة وطائرات من دون طيار تساعد في مكافحة وإطفاء الحرائق.
وقال عمران أنور شرف، مدير مشروع بعثة المريخ في الإمارات، إن أحد الآثار المترتبة على تبني التكنولوجيا هي أن المزيد من الطلاب سيدخلون تخصصات العلوم والرياضيات بدلاً من التمويل والهندسة.
وفي مركز محمد بن راشد للفضاء، تهدف الخطة إلى إطلاق مسبار للمريخ في صيف العام 2020، بمساعدة 3 جامعات أمريكية. ويتم تطوير المسبار من قبل فريق مكون من نحو 160 مواطناً إماراتياً، 40% منهم من النساء، بمتوسط عمر 27 عاماً. وداخل مركز الفضاء، تقوم المهندسة شيخة أحمد الفلاسي بجولة في نموذج أولي لمنزل ذكي يقلل استهلاك الطاقة باستخدام الطاقة الشمسية، وفيه نظام تكييف هوائي يعتمد على المياه المبردة والتقنيات الحرارية.
وتقول سارة الأميري إن لدى الإماراتيين إيماناً بأنه «لا وجود لكلمة مستحيل لأننا شهدنا تغييرات مرئية حدثت أمامنا، وهذا أمر لا يمكن للآخرين في الخارج إدراكه». (بلومبيرج)
إرسال تعليق