حظيت المؤتمرات الدولية للإعاقة والتأهيل، التي يقوم بتنظيمها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة بالتعاون مع شركائه، بالرعاية والاهتمام من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ "المؤسس للمركز، وقام المركز برصد لجدوى انعقاد تلك المؤتمرات ومدى إسهام توصياتها في إحداث النقلة النوعية المرجوة في تغيير حياة المعوقين في المملكة، وكذلك في التعاطي مع قضية الإعاقة.

وأثبت الرصد بأن تكامل أدوار المركز وشركائه من الجهات المعنية أسهم في استنهاض همم الأجهزة والجهات المعنية لتفعيل توصيات المؤتمرات الدولية التي عقدت في المملكة على مدى ثلاثة عقود، حيث كانت توصيات المؤتمرات بمثابة خطط عمل ومنظومة متكاملة من الاستراتيجيات التي حرص المركز على تفعيلها بالتعاون مع مختلف قطاعات الدولة.

وفي ظل الرعاية الشاملة التي تحظى بها مختلف فئات المعوقين بالمملكة تبلورت توصيات المؤتمرات السابقة في العديد من الأنظمة والقرارات التي أسهمت في إحداث نقلة نوعية سواء على مستوى الخدمات المقدمة للمعوقين، أو على مستوى حقوق هذه الفئة الغالية، وآخرها صدور الأمر السامي الكريم بتنظيم هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي إحدى توصيات المؤتمر الدولي الرابع، والمتتبع لما حملته توصيات المؤتمرات السابقة التي أصبحت لبنات مضيئة لقضية الإعاقة وللأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة، وكذلك بعض نقاط التحول الذي شهده واقع المعوقين عطفاً على نتائج تلك التوصيات.

ونجد مؤتمر اللبنة الأولى الذي أسفرت توصياته عن تحديد الأولويات في قضية الإعاقة وأعطت أهمية كبيرة للبحث العلمي، حيث أشار إلى حجم الإعاقة وأنواعها وأسبابها وإيجاد السبل الكفيلة للوقاية والعلاج على أسس علمية والتي انطلقت توصياته بقيام مراكز الأبحاث في الجامعات والقطاعات الأخرى بإعطاء أهمية للأبحاث المتعلقة بالإعاقة والمعوقين.

كما أشار إلى أهمية التدريب وضرورة التغلب على النقص الشديد في القوى العاملة الفنية في مجال خدمات المعوقين، وتوفير الكفاءات البشرية المتخصصة والمدربة، وكذلك إيجاد برامج متخصصة في الجامعات والمعاهد العلمية الأخرى لسد العجز في هذا المجال، وتكثيف مشاركة القطاع الخاص وإسهامه في تقديم الخدمات الملائمة للمعوقين، واتخاذ السبل الكفيلة لأن يتبوأ القطاع الخاص دوراً فاعلاً لتوفير فرص العمل لهم والبيئة الملائمة لما للقطاع الخاص من مساهمة فاعلة في برامج التنمية، وكذلك في مجال الفحص المبكر والشامل عن الإعاقة لدى الأطفال، بالإضافة إلى تعزيز الأنظمة التي تكفل للمعوقين الحياة الكريمة والعمل على دمج المعوقين في مختلف نواحي الحياة والعمل والاستفادة منهم كقوة منتجة ما أمكن مع إيجاد البرامج التعليمية التي تتلاءم مع قدراتهم واحتياجاتهم.

أما مؤتمر قطف الثمار الثاني، الذي أكد على ضرورة مراعاة استيعاب المعوقين في أوجه الحياة العامة ومساندتهم في جميع المجالات ليتمكنوا من ممارسة حقوقهم وتحقيق طموحاتهم في خدمة بلادهم ومجتمعاتهم وذلك بعقد ندوات ومؤتمرات ودورات تدريبية وبرامج تعليم مستمر وشملهم ببرنامج الابتعاث لمواكبة التقدم العلمي في مجالات الإعاقة ودعم القوى البشرية العاملة في المجال والعمل على إدخال مفهوم عمل الفريق المتعدد التخصصات في برامج التأهيل المختلفة.

وكانت توصيات المؤتمر الثالث بمثابة خارطة طريق للمستقبل بتفعيل نظام رعاية المعوقين واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والعقد العربي لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ووضع الأنظمة واللوائح التي تحكم عمل الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكنهم من الاستمرارية في أعمالهم، كما أوصى المؤتمر بتشجيع الأبحاث والدراسات في مجال استخدام الخلايا الجذعية بما يسهم في تحسين الأوضاع الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة وفق الضوابط الشرعية والعلمية والأخلاقية، وإدراج مفهوم البحث العلمي في مجال الإعاقة وفي مناهج البحوث الصحية والطبية والتربوية والتعليمية والنفسية والاجتماعية والتأهيلية، والدراسية في مؤسسات التعليم العالي لتعريف الطلاب والطالبات بأساسياته وتزيدهم بمستجداته وتعويدهم على اخلاقياته.

وكذلك ضرورة التوسع في برامج الدمج التربوي لاستيعاب جميع الأطفال ذوي الإعاقة مع التحول التدريجي نحو التعليم الشامل لتحقيق أهداف التعليم للجميع، وإنشاء مركز وطني للقياس والتشخيص يتم العمل فيه وفق ضوابط ومعايير علمية معتمدة، والعمل على تطوير مناهج ذوي الاحتياجات التربوية بما يلبي احتياجات الميدان التربوي وينسجم مع التوجهات العالمية.

كما ضمت توصياته التحول التدريجي نحو برامج التدريب التقني والمهني والتوسع في برامج الرعاية النهارية والمنزلية من خلال القطاعين الحكومي والخاص، والتوسع في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعات الحكومية والأهلية.

أما المؤتمر الرابع، الذي حمل معه المستجدات في أبحاث الإعاقة من النظرية إلى التطبيقن، فقد نوهت توصياته إلى دور المركز وحثه على دعم القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية المعنية بالإعاقة بإجراء الدراسات الوطنية المسحية الشاملة لتكون مكملة ومتممة للدراسات السابقة في مجال الإعاقة في المملكة لتشخيص الواقع الحالي للإعاقة، وكذلك توحيد الجهود وتكثيفها في مجال توعية الناشئة من ذوي الإعاقة في سن مبكرة بحقوقهم وواجباتهم في المجتمع، وضرورة إنشاء هيئة ذات صفة اعتبارية تكون مهمتها الأساسية تطوير الأداء في مجالات الإعاقة المختلفة، التي توجت بالأمر السامي الكريم علي تنظيمها.

وبإطلالة سريعة على واقع قضية الإعاقة وحقوق المعوقين في المملكة، نرى أن الكثير من توصيات المؤتمرات الأربعة أسهمت بقدر ملموس في إحداث نقلة تاريخية تمثلت في إنجاز العديد من النظم والبرامج والاستراتيجيات التي خدمة القضية، التي تضمنت منظومة من الحقوق والخدمات لهذه الفئة من المجتمع وتوجت بتبني الدولة للعديد منها.

وينتظر الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة شروع المركز في إضافة المزيد من نجاحاته التي تصب في مصلحة المعوقين بخروج البيان الختامي للمؤتمر الدولي الخامس للإعاقة والتأهيل بتوصيات تحمل معها البشريات للأشخاص ذوي الإعاقة.

أدخل بريدك الالكتروني للحصول على أخر المستجدات

إرسال تعليق

 
Top